لا أحد يشك
في إلحاد الكفرة القرامطة الذين عاثوا في الأرض فساداً و استباحوا الدماء و أكثروا
القتل والفزع بين المسلمين وكثر شرهم في بلادٍ شتى .
ونذكر هنا
قصة ذكرها ابن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية سنة سبعة عشر وثلاث مائة
( فيها: خرج
ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب هناك من
كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية،
فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي
جوف الكعبة من الحجاج خلقا كثيرا، وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة،
والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في
يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول: أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق
الخلق وأفنيهم أنا.
فكان الناس
يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا، بل يقتلون وهم كذلك،
ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه
أخذته السيوف، فلما وجب أنشد وهو كذلك:
ترى المحبين
صرعى في ديارهم ** كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
فلما قضى
القرمطي لعنه الله أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة، أمر أن تدفن
القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيرا منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام، ويا
حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يغسلوا ولم يكفنوا
ولم يصلِّ عليهم لأنهم محرمون شهداء في نفس الأمر.
وهدم قبة
زمزم وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلا أن
يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار.
فعند ذلك انكف
الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده
وقال: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟
ثم قلع الحجر
الأسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم، فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه،
كما سنذكره في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة فإنا لله وإنا إليه راجعون ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق